تعطلت صادرات الفوسفات التونسية لقيام شبان بسد المدخل المؤدي إلى منجم للفوسفات للمطالبة بتشغيلهم و ذلك في نزاع يعمل على تفاقم أزمة اقتصادية في البلاد.
فقد احتل المئات مناجم شركة فسفاط قفصة التي تديرها الدولة وهي المصدر الرئيسي للوظائف في المنطقة الجنوبية الفقيرة في البلاد الأمر الذي حرم تونس من دخل تحتاج إليه بالعملة الصعبة و دفع عضو البرلمان عن المنطقة إلى التحذير من أن يلحق استمرار الاحتجاجات الضرر بالشركة.
و يرمز هذا النزاع إلى الصعوبات التي تواجهها الحكومة و هي تحاول خفض إنفاقها على الأجور العامة و الذي يعد من بين الأعلى في العالم إذ يبلغ نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و كذلك خفض العجز في الموازنة حسب الاتفاق مع المانحين الأجانب و في الوقت نفسه السيطرة على الاحتجاجات.
و تفجرت الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد في يناير و أبدى كثيرون غضبهم من تدهور أوضاعهم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في 2011.
و كانت الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة تسببت في إبعاد السياح و المستثمرين وأدت إلى زيادة معدلات البطالة و التضخم وانخفاض قيمة الدينار بنسبة 40 في المئة.
و قد توقفت تلك المظاهرات غير أن الشبان غيروا أساليبهم فلجأوا إلى سد الطرق المؤدية إلى مناجم الفوسفات كلها.
و رغم أن القطاع شهد احتجاجات من قبل فهذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كل المناجم.
و تحاول الحكومة التفاوض لإنهاء الاحتجاجات دون جدوى. فمن الصعب التوصل إلى اتفاق لأنه لا يوجد تنسيق يذكر بين مجموعات المحتجين. و ما إن يعلن عن توظيف عدد من المنتظرين مثلما حدث قبل ثلاثة أسابيع حتى تظهر مجموعة أخرى من العاطلين لتحل محلهم.
و قال وزير الطاقة خالد قدور للإذاعة التونسية إن شركة فسفاط تونس لا تستطيع تشغيل الجميع.
و أوضحت بيانات الشركة التي يتجاوز عدد العاملين فيها 30 ألفا أنها أنتجت 4.15 مليون طن من الفوسفات في العام الماضي مقارنة مع 3.3 مليون طن في العام 2016.
و جاء وقت كانت فيه تونس من أكبر منتجي الفوسفات في العام لكن إنتاجها انخفض إلى النصف منذ عام 2010 بسبب الاحتجاجات المتكررة وانخفاض عدد المشترين الأجانب.
غير أن هذه الصناعة لا تزال مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة. أما السياحة و هي مصدر كبير آخر للنقد الأجنبي فكادت أن تنهار بعد هجومين شنهما متطرفون في عام 2015. و ارتفع عدد الزائرين الأجانب بنسبة 23 في المئة في العام الماضي لكنه ما زال دون مستواه قبل انتفاضة 2011.
و قد ازداد تدهور الاقتصاد في الأسابيع الأخيرة و انخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبي إلى أدنى مستوياتها منذ 15 عاما لتصبح قيمتها أقل من احتياجات ثلاثة أشهر.
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)