نقلت السياسية الفرنسية اليمينية مارين لوبان حزب الجبهة الوطنية الذي تقوده من وضع هامشي إلى قلب المشهد السياسي وجعلت من نفسها منافسا حقيقيا على أمل أن تكون أول رئيسة لفرنسا و أول زعيم من اليمين المتطرف للبلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
ومنذ أن تولت قيادة حزب الجبهة الوطنية في عام 2011 سعت لوبان لمحو الصورة المعادية للسامية التي التصقت به تحت قيادة والدها جان ماري لوبان التي دامت نحو 40 عاما.
ووضعت لوبان، و هي أم لثلاثة أبناء وطُلقت مرتين، الحزب ككيان مناهض للهجرة ومعارض للاتحاد الأوروبي يطرح سياسة لحماية العمال الفرنسيين من العولمة.
و ألقى قتل شرطي في هجوم نفذه متشدد إسلامي ليل الخميس وأصيب فيه اثنان آخران بظلاله على آخر أيام الحملة الانتخابية في السباق الرئاسي في حين استمر مرشح الوسط إيمانويل ماكرون محافظا على الصدارة.
و أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيلاب قبل الهجوم في شارع الشانزيليزيه بوسط باريس أن ماكرون في الصدارة وأن لوبان تأتي بعده.
و أعاد الهجوم قضيتي الأمن والهجرة إلى صدارة الحملة الانتخابية. وكررت لوبان دعوتها لإغلاق حدود فرنسا المفتوحة جزئيا على أوروبا.
و قالت يوم الخميس في لقاء تلفزيوني إنها تشعر “بغضب بالغ” وبحزن شديد على ضحايا الشرطة “لأنه لم يتم فعل كل شيء… لحماية أبناء وطننا. الأمر يستدعي ما هو أكثر من الرثاء.”
و ظلت استطلاعات الرأي المتتالية تتوقع بشكل متسق أن تكون لوبان أحد المرشحين الأوفر حظا لتجاوز الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة في 23 أبريل وخوض الجولة الحاسمة في السابع من ماي.
وسيكون ذلك خطوة إلى الأمام أكبر مما حققته في عام 2012 عندما فشلت في تخطي الجولة الأولى وستعادل إنجاز والدها الذي بلغ الجولة الثانية في عام 2002 قبل أن يخسر بفارق كبير أمام الرئيس السابق المحافظ جاك شيراك.
و رغم أن الاستطلاعات تتوقع خسارة لوبان في الجولة الثانية فإنها تتوقع أيضا منافسة متقاربة هذه المرة.
و الظهور القوي لمرشح يرغب في استفتاء على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي قد يربك أسواق المال التي تخشى اضطرابا جديدا بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من التكتل العام الماضي.
و بصوتها الأجش المميز لم تتردد السياسية البالغة من العمر 48 عاما في الدخول في جدل محتدم مع صحفيين أو منافسين خلال مناظرات تلفزيونية هاجمت خلالها المؤسسة السياسية.
و تبقى أكثر القضايا غير التقليدية في برنامجها الخروج من منطقة اليورو وإجبار البنك المركزي الفرنسي على تمويل الإنفاق الحكومي رغم تأكيدها أن سياساتها الاقتصادية أكثر تناغما مع الشعور المناهض للعولمة الذي دفع دونالد ترامب إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية و عزز التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
و حافظت لوبان على الظهور بصورة أقل تشددا حتى على حساب علاقتها بوالدها واستنكرت تعليقاته بأن غرف الغاز النازية مجرد “تفاصيل” تاريخية. وطردت لوبان والدها من الحزب بسبب آرائه في عام 2015.
لكنها أثارت غضبا في وقت سابق هذا الشهر عندما أنكرت مسؤولية الدولة الفرنسية عن اعتقال الشرطة بأوامر ألمانية 13 ألف يهودي في باريس خلال الحرب العالمية الثانية.
و رفض مقرضون تمويل حملة لوبان للانتخابات مما جعلها في موقف أضعف ماليا أمام منافسيها.
وتخضع المحامية السابقة للتحقيق أيضا بشأن مزاعم إساءة استخدام أموال من الاتحاد الأوروبي لدفع أجور مساعدين لها في الحزب ولنشرها صورا لعنف تنظيم الدولة الإسلامية على موقع تويتر.
وتقول لوبان إن الإجراءات لها دوافع سياسية تهدف لتعطيل حملتها الانتخابية.
و أبدت السياسية اليمينية إعجابها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استقبلها في الكرملين في مارس.
و دخلت لوبان السياسة بالانضمام إلى حزب والدها في سن الثامنة عشرة عام 1986.
و في عام 1998 تخلت عن عملها في المحاماة وانضمت لفريق الحزب القانوني وانتخبت لأول مرة لمنصب سياسي في عام 1998 كعضو مجلس إقليمي في شمال فرنسا.
و حصلت على نفس الدور لاحقا في منطقة باريس قبل أن تعود إلى الشمال في عام 2010. ولوبان عضو في البرلمان الأوروبي أيضا منذ عام 2004.
و قالت لوبان التي تعيش وتتنفس السياسة منذ صغرها إن طفولتها تأثرت بشدة بانفجار قنبلة دمرت شقة أسرتها عندما كانت في الثامنة من العمر في حادث لم تنكشف ملابساته حتى الآن.
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)